بادو الزاكي يكشف العديد من الأسرار في حوار شامل مع أخبار اليوم
شارك
بادو الزاكي يكشف العديد من الأسرار في حوار شامل حياة بادو الزاكي، حارس ومدرب المنتخب الوطني السابق، الكثير من المحطات، التي ألقت بظلالها على حياته، لقد ظل الزاكي مثيرا للجدل سواء عندما كان يقف في حراسة المرمى أو عندما أصبح مدربا.
في الحوار التالي يستعيد الزاكي لحظات البداية، ويتحدث عن عائلته وعن زوجته الفنلندية، ثم يكشف لأول مرة تفاصيل استقالته من المنتخب الوطني بعد مباراة تونس، برسم تصفيات كأس العالم 2006، سنة 2005، وعودته إليه مع وقف التنفيذ سنة 2008، قبل أن يتحدث عن خلافه مع نور الدين النيبت.
- اسم الزاكي لا يبدو متداولا بكثرة لدى المغاربة، فكيف أطلق عليك هذا الاسم؟
حسب ما حكت لي والدتي، فإن خالي هو الذي أطلق علي هذا الاسم، فقد كان معجبا بالممثل المصري زكي رستم، ويحرص على متابعة جميع أفلامه السينمائية، وعندما رزقت بي الوالدة هدد بعدم حضور حفل العقيقة إذا لم تطلق علي اسم زاكي، علما بأن الوالد رحمه الله كان اختار لي اسم اسم نور الدين، لكنه في النهاية قبل مقترح خالي.
- ما الذي يذكره الزاكي من طفولته؟
أطلقت صرخة الحياة بمدينة سيدي قاسم في سنة 1959.. كان الوالد موظفا بالسكك الحديدية، وكانت وظيفته تضطرنا إلى التنقل بين عدد من المدن، كمكناس وبولقنادل، لكنه غادر الحياة في سنة 1966، وعمري لا يتجاوز السبع سنوات. وبعدما كانت الأسرة تعيش حياتها بشكل ميسور، ستنقلب الأمور رأسا على عقب، وسيقع حمل الأسرة على كتف الوالدة، علما بأن العائلة كانت تتكون من أربعة أشقاء هم عبد الخالق وزاكي وسعيد وعزيزة.
- وكيف أصبحت حارس مرمى؟
إلى اليوم، لا أذكر كيف اخترت أن أصبح حارس مرمى، ربما ذلك راجع إلى بنيتي الجسمانية، أو لرغبتي في أن أكون دائما القائد، والشخص الذي لا يلعب دورا ثانويا، فموقعي حارسا للمرمى كان يمنحني رؤية شاملة للملعب.
- وكيف انتقلت إلى فريق الوداد؟
في نهاية السبعينات كان فريق الوداد يبحث عن حارس مرمى، وكان في الطريق إلى التعاقد مع حميد الهزاز، حارس المغرب الفاسي والمنتخب الوطني، لكن صحفيا اسمه أحمد القاسمي هو الذي نصح مسؤولي الوداد بضمي، خصوصا أنه كان يتابع المباريات التي أخوضها، والصيت الذي أصبح لي بمدينة سلا، وفعلا جاء مسؤولو الوداد وتابعوني عن قرب، ثم قرر محمد مكوار، الذي كان يترأس الفريق وقتها، ضمي إلى الوداد.
- لكن قرار ضمك إلى الوداد لقي معارضة كبيرة من الوالدة، فكيف أقنعتها بالأمر؟
لقد كان أمر إقناع الوالدة صعبا، لكن مسؤولي الوداد نجحوا في ذلك. قالوا لها إنني أتوفر على مؤهلات كبيرة في حراسة المرمى، وإنني سأصبح اسما له شأن كبير، وفي النهاية وافقت لكن شريطة أن يلتزم فريق الوداد بإيصالي إلى بيت خالي الذي كان يقيم بمدينة الدار البيضاء بعد نهاية الحصص التدريبية.
- وفي نفس الوقت كنت تتابع دراستك؟
بالتأكيد، فالوالدة لم تكن لتسمح بعدم متابعتي للدراسة، لقد كانت امرأة صارمة وبعشرة رجال كما يقال. لقد تابعت دراستي حتى حدود السنة السادسة ثانوي، إذ انقطعت عن الدراسة بسبب مشاركتي مع المنتخب الوطني في دوري للشبان بالصين. غضبت الوالدة كثيرا، لكنني تابعت تكويني إرضاء لها في مجال الإعلاميات.
- هل تذكر أول مباراة شاركت فيها مع الوداد؟
كان ذلك سنة 1979، إذ شاركت مع الفريق في مباراة ودية بطنجة، ظهرت فيها بمستوى جيد، جعل مسؤولي الوداد يتأكدون من أنهم تعاقدوا مع حارس في المستوى، بل إنهم صرفوا النظر بشكل نهائي عن التعاقد مع حميد الهزاز، الحارس الأول للمنتخب الوطني وقتها.
وبعد ثلاثة أشهر من حراستي لمرمى الوداد ستتم المناداة علي إلى المنتخب الوطني، لقد اختصرت الزمن بسرعة، وقد كنت حارسا احتياطيا في المباراة التي خسرها المغرب أمام الجزائر بخمسة أهداف لواحد.
- هل تذكر أول منحة تلقيتها من فريق الوداد؟
بالتأكيد، فبعد مباراة اتحاد طنجة الودية توصلت من مسؤولي الوداد بمبلغ 250 درهما، أذكر وقتها أنني فرحت كثيرا، فقد كان ذلك أول مبلغ أتلقاه كلاعب كرة، سلمت الوالدة مبلغ 240 درهما، واحتفظت بعشرة دراهم، مازلت أتذكر أنني أمضيت بها ما يقارب 15 يوما، لأنني وقتها كنت لا أزال صغيرا.
- ألم تندم على عدم متابعتك للدراسة؟
أحمد الله أنني لم أتابع دراستي، فلو تابعتها لم أكن لأصل إلى ما بلغته اليوم، فمساري مع الوداد ومايوركا والمنتخب الوطني منحني شهرة كبيرة وحبا كبيرا في قلوب الناس، كما أنني أتحدث بطلاقة بالإنجليزية والإسبانية، وأتواصل أيضا بالفرنسية، هل كان من الممكن أن أصل إلى ذلك لو تابعت دراستي حتى النهاية، لا أعتقد.
- وكيف أصبحت الحارس الأول للمنتخب الوطني؟
لم أحتج إلى وقت كبير لأصبح الحارس الأول للمنتخب الوطني، فقبل مباراة الجزائر سنة 1979، والتي خسرها المغرب بخمسة أهداف لواحد، كنت ولاعبين آخرين نستعد لهذه المباراة، إذ كان عدد من اللاعبين الذين يمثلون جيلا جديدا هم الذين سيشاركون في المباراة، لكن في آخر لحظة ولحساسيتها، وبعد تدخلات من جهات مختلفة، تم اختيار اللاعبين القدامى ليخوضوا المباراة، لذلك بقيت في كرسي الاحتياط، وكانت ذكرى حزينة بالنسبة إلي أن أتابع في بداية مساري الدولي المنتخب الوطني وهو يخسر على أرضية ملعبه بخمسة أهداف لواحد.
- في مرحلة لاحقة ستصبح أنت هو الحارس الأول؟
في مباراة الإياب بالجزائر استقر الرأي على إعطاء الفرصة لجيل جديد من اللاعبين، خصوصا أن جيل السبعينات كان قدم كل ما لديه، لذلك فإن مباراة الإياب شارك فيها مجموعة من اللاعبين الشبان، الذين مازالوا في بداية مسارهم الدولي، وقد نجح هذا المنتخب فيما بعد في أن يحقق المفاجأة وأن يبلغ نصف نهائي كأس إفريقيا بلاغوس سنة 1980، إذ انهزمنا بصعوبة أمام المنتخب المنظم بهدف واحد لصفر.
ما هي الصعوبات التي واجهتها وأنت تشق طريقك في عالم الكرة؟
طريقي في الحياة لم يكن سهلا، وأعتقد أن من سيتابع شريطه إلى غاية ما وصلته اليوم سيدرك ذلك، لقد فقدت الوالد مبكرا، وبعدما كانت الأسرة تعيش حالة من الرخاء المعيشي فإننا سنصبح أسرة متوسطة الوضع المادي، "ما خاصناش وما عندناش" كما نقول بالدارجة، إذ لم يعد متوفرا للوالدة إلا مدخول كراء شقة تملكها.
ولما انتقلت إلى البيضاء لأنضم إلى فريق الوداد وجدت نفسي وأنا في عمر ال16 وسط مدينة كانت أشبه بالغول بالنسبة إلي، أما داخل الفريق فإن عددا من اللاعبين الذين كنت أقفز عبر سور ملعب الفتح لمشادة مبارياتهم أصبحت زميلا لهم، كما هو الشأن مع اسحيتة أو مجاهد أو العربي أو شيشا وغيرهم.
ومع ذلك كنت أتحين الفرصة لأستغلها، فعندما يأتي القطار يجب أن نصعد لأن القطار المقبل قد لا يأتي، لذلك أصبحت بسرعة حارسا أساسيا للوداد، بل إن المستوى الذي قدمته جعل مسؤولي الفريق يصرفون النظر عن التعاقد مع حميد الهزاز، الحارس السابق للمنتخب الوطني.
والدتك كانت صارمة، أين كانت تتضح معالم هذه الصرامة؟
في الالتزام بنظام البيت، فلم يكن ممكنا أن أدخل متأخرا إلى المنزل، فإذا ما تأخرت مرة ففي المرة الثانية يمكن أن تجعلني أبيت في الشارع.
أنت أيضا تبدو صارما، فهل تعلمت الصرامة من الوالدة؟
بالتأكيد، فارتباطي بالوالدة كان وثيقا، خصوصا مع الفقدان المبكر للوالد، لذلك فإن تأثيرها ظل كبيرا علي وعلى باقي إخوتي.
شقيقك سعيد اتجه بدوره إلى حراسة المرمى، كيف جاء ذلك؟
في الحقيقة، شقيقي الأكبر عبد الخالق هو الذي كان بمقدوره أن يذهب بعيدا في الكرة، إذ كان "كوايري" بما في الكلمة من معنى، لكنه لم يواصل بسبب انشغاله بالدراسة، وهو اليوم ممثل لشركة "لارام" بداكار، أما سعيد الذي يعمل اليوم حارسا لفريق الأهلي الإماراتي فإنه سار على خطاي، يمكن القول إنه أصبح حارسا للمرمى عنادا لي فقط (يضحك).
- قلت إنك لم تندم على متابعتك للدراسة، ما الذي جعلك تقول ذلك؟
إنها الحقيقة، فكثيرون يربطون المستوى الدراسي للإنسان بالعمل الذي سيحصل عليه فيما بعد، بالنسبة إلي لم أندم، لأنني حققت أشياء كثيرة، لم أكن لأبلغها لو تابعت دراستي.
لم أندم لأنني عن طريق الكرة أفدت نفسي وأفدت عائلتي، ولأنني جبت العالم، ولدي مساحة حب في قلوب المغاربة، ثم هل هناك مهنة غير الرياضة يمكن أن يستقبلك من خلالها ملك البلد ورأسك مرفوع.
قضيت سنوات طويلة حارسا للمنتخب الوطني، ما هي الفترة التي مازالت عالقة في ذاكرتك؟
لقد قضيت سنوات زاهية مع المنتخب الوطني في بداية فترة الثمانينيات، بدءا بالمشاركة في كأس إفريقيا بنيجريا التي احتلينا فيها الرتبة الثالثة، بمنتخب شاب، مرورا بالمشاركة في أولمبياد لوس أنجلس 1984، لكن السنة التي كان لها وقع خاص علي هي سنة 1986، ففي هذه السنة شاركت مع المنتخب الوطني في مونديال المكسيك، وقدمنا أداء باهرا بوصولنا إلى الدور الثاني، وكان المغرب أول بلد عربي وإفريقي يبلغ هذا الدور.
في هذه السنة وقعت عقدا احترافيا للانضمام إلى فريق مايوركا الإسباني، كما رزقت بابنتي حسناء، والتي كان الراحل الحسن الثاني هو من اختار لها هذا الاسم، وفزت بلقب الكرة الذهبية الإفريقية، كأحسن لاعب في تلك السنة.
بعد سنوات طويلة في الوداد، انتقلت إلى مايوركا الإسباني، كيف جاء هذا الانتقال؟
قبل المشاركة في مونديال المكسيك، كان كثيرون يتوقعون أن المنتخب الوطني سيحصد هزائم بالجملة، لكننا كذبنا ذلك.
وبالنسبة إلي، ولأنني لا أقبل الأدوار الثانوية، فقد كنت عاقدا العزم على أن أقوم بمونديال جيد، وأنه كما أن الأنظار ستتجه إلى شوماخر، الحارس الألماني، وجان ماري بفاف، حارس بلجيكا، فيجب أن تتجه أيضا إلى بادو الزاكي ويتحدث عنه العالم. وهو ما حصل بالفعل، عندما تم اختياري من بين أفضل حراس كأس العالم بالمكسيك، وفي الوقت الذي كانت فيه البطولة لا تزال مستمرة جاء عرض فريق مايوركا بضمي إليه فوافقت ووقعت عقدا مبدئيا بمونتيري الإسبانية.
ولماذا مايوركا بالتحديد؟
كان هناك حديث وقتها عن أن مجموعة من الفرق ترغب في التعاقد معي كشتوتغارت الألماني وليون الفرنسي وإشبيلية الإسباني، لكن عرض مايوركا كان جديا، وانتقل مسؤولو الفريق إلى المكسيك ليتعاقدوا معي، لذلك التحقت بالفريق.
بعد الانتقال إلى مايوركا، كيف استطعت إثبات ذاتك والتأقلم مع نمط حياة جديد؟
عندما كنت أمارس في المغرب كنت أعتبر نفسي محترفا، إذ كنت أحافظ على أوقات التداريب وأعتني بصحتي، بتجنب السهر والنوم في الوقت المحدد، ومع ذلك فعندما انتقلت إلى إسبانيا وجدت أشياء كثيرة غائبة عني لأن المحيط الكروي في المغرب لم يكن يوفرها.
في إسبانيا اكتشفت أن الناس يقدرون العمل، وأن الزمن له قيمته والمواعيد مضبوطة، بخلاف ما عليه الأمر في المغرب، وجدت طريقة تعامل وحوار مختلفة. لذلك فسنة واحدة من الاحتراف بإسبانيا تساوي عشر سنوات بالمغرب.
أصبحت الحارس الأول لمايوركا كيف حدث ذلك؟
عندما تعاقد معي الفريق كنت قد تركت انطباعا جيدا بالمكسيك، أي أن اسمي سبقني إلى إسبانيا، لذلك أصبحت الحارس الأول في الفريق، علما بأن الاحتراف جحيم حقيقي، إذ يجب أن تكون أفضل من الجميع، لقد جعلت المغاربة يتابعون مايوركا ويصبح الفريق المفضل بالنسبة إلى عدد منهم.
أما نتائجي مع الفريق فكانت جيدة، فبعدما كان مايوركا فريقا ينافس على البقاء في القسم الأول بات واحدا من كبار الليغا الإسبانية، إذ أنهى موسم 1987 في المركز الرابع، كما لعبنا نهائي كأس الملك أمام أتلتيكو مدريد.
- أصبحت عميدا لفريق مايوركا في وقت لاحق، ما الذي أضافته شارة العمادة إليك؟
لقد فرض علي أن أصبح عميدا لفريق مايوركا، فبعدما أثبتت نفسي وحظيت باحترام الجميع من مدرب ولاعبين اقترح علي اللاعبون أن أحمل شارة العمادة، كان المبرر بالنسبة إليهم أن علاقتي بالرئيس جيدة، وأن ذلك يمكن أن يساهم في منحهم الكثير من الامتيازات، علما بأنه في إسبانيا يتم اختيار عميد الفريق بالتصويت.
في البداية ترددت، لأن ذلك سيضيف إلي أعباء أخرى، فعميد الفريق ليس كما هو عليه الأمر في المغرب، حيث يختار الجهة التي سيلعب فيها فريقه، إن دوره في إسبانيا أكثر من ذلك، إذ يتولى الحديث إلى الصحافة وحل مشاكل اللاعبين ونقل مطالبهم إلى المسؤولين.
- مباراة برشلونة ومايوركا في موسمك الثالث في الليغا الإسبانية ظلت راسخة في ذاكرة المغاربة، خصوصا بعدما تصديت لضربة جزاء للاعب الهولندي الشهري رونالد كومان، ما الذي تذكره من هذه المباراة؟
فريق مايوركا كان دائما الشبح الأسود لبرشلونة، وقبل هذه المباراة كنت الحارس الذي استقبلت شباكه أقل عدد من الأهداف في الدوري الإسباني بفارق أربعة أهداف عن صاحب الرتبة الثانية حارس فريق خيخون.
علما بأنني أحرزت جائزة الحارس الذي تتلقى شباكه أقل عدد من الأهداف في موسمين متتالين، وكانت قيمة هذه الجائزة تبلغ حوالي 80 مليون سنتيم.
قبل هذه المباراة سئل يوهان كرويف من طرف الصحفيين فأجابهم بالقول إن فريقه سيفوز في هذه المباراة، وإن الزاكي لن يبقى الحارس الذي استقبلت شباكه أقل عدد من الأهداف، ما كان يعني أنه يتوعد بأن تهتز مرماي خمس مرات.
بعد مرور 30 ثانية من زمن المباراة نجح اللاعب أمور في إحراز هدف التقدم لبرشلونة، قلت في نفسي هل سينفذ كرويف وعده، لكن فريق مايوركا واصل الصمود، إلى أن حصل فريق برشلونة على ضربة جزاء قبل عشر دقائق من نهاية المباراة، لو سجلها فإنه كان سيقضي على أي أمل لنا في إدراك التعادل.
تقدم كومان لتسديد ضربة الجزاء، علما بأنه لا يضيع ضربات الجزاء، وأحرز 13 هدفا لبرشلونة. بالنسبة إلي إذا سجل كومان فذلك أمر عادي، لكن غير العادي هو أن يضيع الضربة، لذلك سعيت إلى تشتيت تركيزه، حتى أدفعه إلى التسديد في الجهة التي تمثل نقطة قوته، وهو السيناريو الذي حصل فيما بعد، إذ سدد وتصديت لضربة الجزاء، فيما تمكن فريق مايوركا من إدراك التعادل في قلب ملعب نيو كامب قبل نهاية المباراة. في الندوة الصحفية التي أعقبت المباراة، ظل الجميع يتحدث عن ضربة الجزاء التي تصديت لها، ولما سئلت قلت للصحفيين: لقد وقع كومان في المصيدة المغربية.
- لماذا لم ينتقل الزاكي إلى فريق أكبر من مايوركا في الدوري الإسباني؟
لقد كانت هناك عروض من الريال وبرشلونة، لكن رئيس فريق مايوركا ظل متشبثا بي، لأن الجزيرة كلها كانت تكن لي حبا خاصا، لذلك أصر على أن يحتفظ بي في الفريق.
- وما حكاية تمثال البرونز الذي صنع باسمك في مايوركا؟
في مايوركا هناك متحف شهير هو متحف ألفورو، ويضم تماثيل للشخصيات التي أسدت خدمات كبيرة لجزيرة مايوركا في مختلف المجالات من فكر وسياسة وعلوم ورياضة، إذ إن هناك تمثالا للملك خوان كارلوس لأنه يمضي كل سنة ثلاثة أشهر بجزيرة مايوركا، ولأن سكان مايوركا كانوا يعتبرون أنني قدمت خدمات للجزيرة فقد تم نحت تمثال لي بالمتحف.
- بعد ست سنوات من الاحتراف مع فريق مايوركا عدت إلى المغرب، ما السبب الذي جعلك تعود إلى المغرب بشكل مبكر؟
لقد عدت إلى المغرب وأنا في سن ال31، وبالنسبة إلى حارس مرمى فإنه في هذا العمر يصل إلى مرحلة النضج، ويكون بمقدوره مواصلة عطائه، لكنني اخترت العودة إلى المغرب لأحرص على تربية أبنائي كما يجب. لقد كان بإمكاني أن أبقى في إسبانيا، لكنني كنت بكل تأكيد سأحرم من أبنائي، فقلت في نفسي لقد حققت كل شيء فما الذي ستضيفه إلي أربع أو خمس سنوات أخرى من الاحتراف، في مقابل أن أربي أبنائي بالمغرب؟ لقد كنت حريصا على أن يزداد أبنائي بالمغرب، رغم أنه كان بمقدوري أن أجعلهم يرون النور بإسبانيا، مثلما يفعل كثيرون اليوم، إذ ما إن يقترب موعد الوضع حتى يرسلوا زوجاتهم إلى كندا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
بالنسبة إلي، مثل هذا الأمر لم يكن ممكنا.
- أنت مولع بعزف الهجهوج والغطس، هل يمكن أن تحكي لنا كيف جاء تعلقك بهما؟
بالنسبة إلى الهجهوج، وهو آلة صعبة، فيمكنك القول إنني كناوي قبل حتى أن أرى النور، فموسيقى كناوة تشدني كثيرا، لذلك تعلمت العزف على آلة الهجهوج. أما بالنسبة إلى الغطس فقد تعلمته في فترة تواجدي بإسبانيا، إذ إن رئيس فريق مايوركا هو الذي دفعني إلى ممارسة هذه الرياضة.
- بعد سنوات قضيتها مع مايوركا عدت إلى المغرب والتحقت بفريق الفتح الرباطي؟
فعلا لقد التحقت بفريق الفتح، والمثير في هذه التجربة أنها كانت بمثابة الانطلاقة بالنسبة إلي في عالم التدريب، إذ إنني في فترة من الفترات أصبحت حارسا للفريق ومدربا له في الوقت نفسه.
فيما بعد أعلنت اعتزالي ودربت فرق سبورتينغ سلا والوداد وشباب المحمدية الكوكب المراكشي والمغرب الفاسي، قبل أن أصبح مدربا للمنتخب الوطني.
- وكيف أصبحت مدربا للمنتخب الوطني؟
عندما شارك المنتخب الوطني في دورة مالي 2002، وخرج من الدور الأول، مثلما لم يتمكن أيضا من بلوغ نهائيات كأس العالم بكوريا واليابان، بعد أن اكتفى بنتيجة التعادل أمام منتخب السنغال في داكار، تم استدعائي من طرف الجامعة لأعمل مساعدا لكويلهو، قلت لهم في البداية إنني يجب أن ألتقيه لأعرف إذا ما كان يريدني فعلا أن أعمل معه أم لا.
التقيت كويلهو، وأكد لي فعلا أنه يرغب بأن أكون مساعدا له، بعد 15 يوما غادر كويلهو المنتخب الوطني، فوجدت نفسي مدربا له، خصوصا أنه حدث فراغ، وكانت هناك تجمعات تدريبية للاعبين المحليين، فأشرفت عليها وسادها الانضباط، ومع ذلك كان هناك من يقول إن الأمر يتعلق بالمحليين، وأنه عندما سيأتي المحترفون سأجد صعوبات في التعامل معهم، فجاءت مباراة لوكسمبورغ الودية التي فزنا فيها بهدفين لصفر، وسادها الانضباط ورافقنا خلالها أعضاء جامعيون وصحفيون كانوا شاهدين على الاحترافية التي مرت فيها المباراة.
فيما بعد كنا على موعد مع مباراة رسمية أمام منتخب الغابون بليبروفيل، اعتبرت وسائل الإعلام أنها ستكون قنبلة في يد الزاكي، لكنني قلت إنني سأنزع الفتيل وسأبطل مفعول القنبلة، فزنا في المباراة بهدف لصفر، علما بأن الغابون هزم المنتخب الوطني ذهابا وإيابا لما كان يدربه كويلهو.
هذه النتيجة دفعت البعض إلى أن يطالب بمنحي فرصة تدريب المنتخب الوطني، لكن آخرين رفعوا شعار مطرب الحي لا يطرب، وأنني مازلت في بداية مشواري.
- وماذا حدث فيما بعد؟
جاءت مباراة غينيا الاستوائية وفزنا فيها بخمسة أهداف لصفر، ثم التقينا وديا بمنتخب النيجر وتفوقنا عليه بستة أهداف لصفر.
كنت وقتها أتوفر على عقد كمدرب مساعد فقط، فقررت أن أطلب لقاء الجنرال بنسليمان رئيس الجامعة، فالتقيته وأخبرته بأنني، خلافا لما يدعي البعض، أتوفر على شواهدي في مجال التدريب، وأنني عندما أرغب في متابعة أحد اللاعبين بالخارج فإنني أواجه إحراجا، فقال لي غدا سيجتمع المكتب الجامعي وستصلك الأخبار، وفعلا في الغد كان المكتب الجامعي يعينني رسميا مدربا للمنتخب الوطني بموجب عقد يمتد لعامين على أن أحقق التأهل إلى نصف نهائي كأس إفريقيا.
- كم دام لقاؤك بالجنرال؟
حوالي 25 دقيقة.
- ثم جاء التأهل إلى نهائي كأس إفريقيا بتونس 2004، هل كان ذلك التأهل مفاجأة بالنسبة إليك؟
نهائيا، فمن تابع العمل الذي قمت به في المنتخب الوطني طيلة مسار التصفيات وحصولنا على 16 نقطة من أصل 18 نقطة ممكنة، ثم تعادلنا مع تونس قبل انطلاق النهائيات، سيدرك أن نتائجنا في تونس لم تكن مفاجئة، وأنها كانت متوقعة.
- بعد مباراة تونس التي انتهت متعادلة بهدفين لمثلهما، ستغادر المنتخب الوطني، ماذا حدث بالضبط حتى أصبحت خارجه؟
عندما جاء موعد مباراتنا أمام تونس بملعب رادس لم يكن أمامنا من خيار غير تحقيق الفوز، لانتزاع التأهل إلى المونديال.
أنهينا الشوط الأول متفوقين بهدفين لواحد، لكن رغم ذلك فإنه كان في المنصة الشرفية للملعب بعض أعضاء الجامعة الذين كانوا يتحدثون عن ضرورة البحث عن مدرب لقيادة المغرب في المونديال، أما لما انتهت المباراة بالتعادل والإقصاء، فإن أوزال قال في تصريح صحفي إنني ضيعت على المغرب أربعة ملايير سنتيم.
كان ذلك مستفزا بالنسبة إلي، خصوصا أنه بموازاة ضغط الجامعة فإن هناك جزءا من الصحافة المكتوبة وقنوات تلفزية عمومية انخرطوا في اللعبة بصب الزيت على النار وبشكل مأجور.
بعد فترة تأمل قررت تقديم استقالتي فطلبت عقد لقاء مع الجنرال بنسليمان.
- ما الذي قلته له؟
أخبرته بأنني لا يمكن أن أستمر مدربا للمنتخب الوطني في ظل أجواء مشحونة وحملة مسعورة تطالب برأسي، وكأنني ارتكبت جرما، قلت له إن هناك أرضية للعمل ومنتخبا جيدا يمكن للمدرب المقبل أن ينجح معه.
- وماذا كان رده؟
طلب مني أن أخلد للراحة، وأن أتريث قبل أن أعاود اللقاء به بعد أسبوع، لكنني فوجئت في الغد ببلاغ للجامعة تؤكد فيه أنها قبلت بصدر رحب استقالتي من تدريب المنتخب.
في النهاية لقد كان هناك من يحارب العمل الذي أقوم به، وكانوا يسعون بكل السبل إلى التعاقد مع مدرب أجنبي