قال الله تعالي : ” يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” .
لقد خص الله شهر رمضان بميزات وفضائل عظيمة جعلت هذا الشهر عزيزاً علي نفس كل مسلم ومسلمة يترقبه الفرد ويسعد بقدومه ويفرح بما فيه من صيام وصلاة وعبادات، ولما في هذا الشهر من عبادات وطاعات تؤثر تأثيراً مباشراً علي الصحة كان علي المصاب بداء السكري مراعاة ذلك التأثير، وبما أن للصيام أثـر إيجابى علي هؤلاء المرضي يبقى علي المريض مراعاة جانب الغذاء والدواء فى هـذا الشهر والذي يختلف اختلافاً كلياً عن باقي أشهر السنة.
إن هذا المنشور يسعى إلي توضيح هذا الأمر وبسطه ليتسنى للمريض معرفة ما يجب مراعاته خلال هذا الشهر، ونؤكد أن هناك قسم من المصابين بهذا الداء لا يمكنهم الصيام بتاتاً وذلك أخذاً بالرخصة الشرعية إتباعاً لقوله تعالي (فمن كان منكم مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).
أهمية الموضـــوع :
تبرز أهمية التوعية فى هذا الموضوع للمصابين بداء السكري وغيرهم ممن لهم علاقة بالمصابين وذلك للتغير الحاصل فيما يلي:
أ ـ النظام الغذائي.
ب ـ النظام اليومي.
ج ـ النظام العلاجي.
ففي يوم واحد تتغير هذه الأنظمة بصورة مفاجئة من النظام العادي فى الأيام العادية إلي نظام الصيام خلال شهر رمضان ثم تتغير مرة أخرى وبشكل مفاجئ أيضاً يوم العيد ومن ثم خلال شهر شوال.
أولاً : تغير النظام الغذائي :
يتغير النظام الغذائي خلال شهر رمضان ليشمل الأمور التالية:
1. تغير عدد الوجبات : مما لا شك فيه أن الغالبية العظمى من المصابين يتناولون ثلاث وجبات يومية ممثلة بالفطور والغداء والعشاء قد يتخللها وجبات خفيفة، أما فى شهر رمضان فإن الوجبات تقل عدداً لتصبح إفطاراً وسحوراً قد يتناول الفرد وجبة خفيفة بينهما، إن هذا يعني تعرض الشخص لارتفاع فى نسبة السكر فى الدم مرتين بدلاً من ثلاث مرات يومياً.
2. تغير أوقات الوجبات : يتغير وقت الوجبات اليومي نظراً للصيام خلال اليوم مما يعنى أن التوزيع الحاصل علي وجبات الغذاء اليومي المعتاد، (الإفطار صباحا والغداء ظهراً والعشاء ليلاً) تتحول إلي إفطار عند الغروب وسحور قبل الشروق وهذا يعنى أن الإرتفاع الحاصل على نسبة السكر في الدم يتحول من ثلاث مرات صباحاً وعصراً ومساءًا إلي مساءًا وعند الصباح الباكر مما يجعل تغيير العلاج ملازماً للتغير الحاصل فى الغذاء.
هذا علماً بأن هناك شواذ لهذه القاعدة كمن يتناول وجبة الإفطار بعد المغرب بساعة أو من يتناول وجبة السحور في الساعة 12 من منتصف الليل.
3. تغير مكونات الوجبات : يحصل تغير فى مكونات الوجبات الغذائية خلال شهر رمضان حيث يأخذ التمر حيزاً واضحاً في مائدة الإفطار يشاطره العصير بأنواعه المختلفة. أما ما تشتمل عليه المائدة عند معظم الناس فإن ذلك يشتمل على المقليات وعلي رأسها السمبوسك والحساء بأنواعه إضافة إلي الحلويات المختلفة والوجبات الغنية بالدهون والنشويات.
4. تغير السعرات الحرارية : إن التغير الحاصل على عدد الوجبات وأوقاتها ومكوناتها له تأثير مباشر علي كمية السعرات الحرارية اليومية للصائم، حيث يحصل نقص عام في إجمالي السعرات الحرارية وخصوصاً في الأيام الأولي للصيام نظراً لأثر الصوم علي شهية الصائم.
ثانياً : تغير النشاط اليومي :
يؤثر الصوم على النشاط اليومي للفرد فيقل فى الغالب خلال النهار ويزداد خلال فترة الليل وخصوصاً لدى من يؤدون صلاة التراويح والقيام مما ينعكس بصورة واضحة على نسبة السكر فى الدم، بل أن النشاط الزائد خلال فترة الصوم قد يؤدي إلى إنخفاض نسبة السكر فى الدم.
ثالثاً : تغير النظام العلاجي :
مما سبق يتضح التغير الواضح فى نظام الغذاء والنشاط اليومي والذي بدوره يحتم تغير النظام العلاجي، يكون هذا التغير تحت إشراف طبيبك المعالج وطبقاً لإرشاداته سواء كنت ممن يتعاطى الحبوب أو حقن الإنسولين علماً بأن عدم استشارة طبيبك قد يعرضك إلى إنخفاض شديد فى خلال فترة الصيام أو إرتفاع شديد فى خلال فترة الفطر.
نصائح عامة للصائم :
1. إنخفاض نسبة السكر في الدم : مما سبق يتضح أن تغير الأنظمة الثلاثة يؤدي إلى زيادة الفترة بين الوجبات إضافة إلى نقص فى إجمالى السعرات الحرارية مما يؤدي إلى حصول حالات الإنخفاض في نسبة السكر في الدم والتي تختلف في الشدة من أعراض الإنخفاض الخفيفة إلى الإغماء الكامل، لذلك فإن على المصاب مراعاة هذه الأعراض والمشتملة على : التعرق ـ حصول الرعشة (الرجفان) ـ الفتور العام في الجسم ـ زيادة في ضربات القلب ـ الهلع والشعور بالجوع الشديد ـ الشعور بالدوار ـ الصداع ـ الإختلاج والسبات (الإغماء).
2. التخمة وأعراض زيادة نسبة السكر في الدم : يصاحب هذه الحالة إرتفاع في نسبة السكر في الدم تشمل أعراض الإرتفاع المعروفة لدى المصاب وذلك عند تناول كميات من الأغذية بصورة زائدة وخلال فترة وجيزة، وتشمل هذه الأعراض ما يلي: الشعور بالعطش الشديد ـ زيادة في التبول ـ حصول الغثيان والتقيئ ـ حصول الجفاف وصعوبة في التنفس.
3. وجبة ما بين الإفطار والسحور : تبرز أهمية هذه الوجبة في إيجاد التوازن الغذائي وحصول إنضباط في نسبة السكر في الدم خلال فترة الإفطار وبعد تناول العلاج.
4. طريقة تناول العلاج : إن تناول الحبوب الخافضة للسكر يجب أن يكون قبل تناول وجبة الطعام بـ 15 دقيقة ويمكن للصائم المصاب بداء السكرى الإلتزام بذلك أثناء وجبة الإفطار بتناوله تمرة أو تمرتين مع كمية من الماء ثم يأخذ علاجه المطلوب وبعد أدائه لصلاة المغرب يتناول وجبة إفطاره كالمعتاد، أما وجبة السحور فيتناول علاجه قبلها بـ 15 دقيقة.
5. يوم العيد : ذكرنا بأنه خلال هذا اليوم يحدث تغير مفاجئ فى النظام الغذائى المتبع خلال شهر كامل، وخاصة بأنه في يوم العيد تكون الوجبات الغذائية غنية جداً بالمواد الدسمة والنشويات، لهذا يجب علي الصائم المصاب بداء السكرى أن يكون التحول في نظامه الغذائي تدريجياً وذلك منعاً لإصابته بالتخمة وزيادة السكر في الدم.
وفي النهاية ننصح الإخوة الصائمين المصابين بداء السكري بإتباع التعليمات السابقة لكي يكون صيامهم عاملاً مساعداً في التحكم بمرضهم وليس عامل ضرر عليهم. ونتمنى لجميع الصائمين صياماً مقبولاً وإفطاراً شهياً إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لمزيد من المعلومات عن الأدوية، الرجاء زيارة صفحات: دياتاب - فورميت - جليز