صبرا
مشيت في شارع صبرا، رفيقاتي معي، كانت الرحلة التي قمنا بها الى صبرا وبعدها الى سوق الاحد ضرورية، فسوق صبرا التجاري من اكثر الاسواق شعبية واكتظاظا في بيروت. فهو السوق الذي يحبه ابناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة في لبنان، بفئات نقدية قليلة تشتري ما يكفي. في الصبرا، تشعرين انك في فضاء اخر، فالمشاهد التي تنظرين اليها والاصوات التي تسمعينها قوية، نساء يشترين ويتحادثن ويتجادلن مع البائعين، الاطفال التي تبكي وتضحك، اصوات السيارات والموسيقى التي تأتي الى اذنيك من الجهات كلها، تضعك في مزاج اخر " اهلا بك في عالم الفقر."
النساء تمر من امامنا وقربنا ولكهن سرعان ما يهربن عندما نتطلب منهن لحظة للتكلم معهن، ربما في صبرا النساء لا يملكن اللحظة هذه، فالبيت ينتظرهن والطبخة يجب ان تكون جاهزة قبل ان يأتي الزوج والاطفال، في صبرا تتردد النساء عن البوح برأيهن وتتفاجأ بالاسئلة، فنحن لا نبيع شيئا ونطلب شيئا، نريد فقط ان تسألهن ان " شو رأيك ب وضع المرأة؟". في صبرا ان النساء لا يملكن امتياز الرأي، الفقر لا يأتي بأمتيازات.
شاتيلا
في شاتيلا، أنظرالى ازقة المخيم. انا من فلسطين واهل شاتيلا من فلسطين ، يبدو لي وكأنهم من فلسطين اخرى! ماذا عن النساء في المخيم، ما رأيهن في " وضع المرأة؟". لم نلتقي بنساء يميشن في الازقة، التقينا بإمرأة كبيرة السن ولدت في فلسطين، كانت تقف تنتظر شيئا ما، سألنها عن احوالها، اصرت ان الزمن الماضي كان اجمل، واحد وستون سنة من إنتظار العودة قد يجعلون المرء متشائما! احسست اني من فلسطين اخرى، لأنني ارفض ان ارى الفقر والتعتير والكارثة التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان وبالتحديد النساء، فهم سجينات هذا المخيّم.
كونكلوجين:
يجب علينا كنسويات ان نعير اهتماما خاصا للنساء القاطنات في الامكان الشعبية والامكان التي ما زالت تعتقد ان النساء "ناقصات عقل ودين".
يجب ان نتطور لغة وادوات للوصول اليهن دون ان تقوم بتدمير حياتهن.
يجب علينا ان تضع كل ما نعرفه عن النسوية على جنب، ونذهب الى الشارع والى البيوت ونسمع حكايات النساء على الصمود وعن الحيّل التي يطورن للحصول على مساحة خاصة بهم، ان نتعلم منهم عن حياتهم، فنحن اذا اعتبرنا اننا في معركة، يجب ان نعتبر ان النساء الفقيرات هم في الصفصوف الامامية من جبهتنا المفترضة، فأكثر الضحايا والاصابات التي تقع، تقع في صفوفهن.
في رحلة صبرا وشاتيلا تعلمت شيئا واحدا اساسيا، ان الفقر هو اقسى انواع العنف، انه سواء كنا فلسطنيات ام لبنانيات او اثيوبيات اننا واحد في الجوهر. اننا في توحدنا نعيد انتاج علاقات سليمة في مجتمعنا. فلا فرق بين مرأة ومرأة الا بدرجة نوع القمع