على الرغم من أن فيلم «أمير البحار» لا يزال يحقق أعلى الإيرادات في دور العرض السينمائي المصرية؛ إلا أن ذلك لم يمنع الهجوم الشرس الذي تعرض له من النقاد، الذين اعتبروه عملا تقليدياً يفتقر إلى كثير من مقومات صناعة الدراما السينمائية فضلا عن تحقيق التميز؛ ذلك أن القائمين على إنتاجه نفذوا خلطة بمنظور تجاري بحت.. واعتبروا أن الزج ببعد سياسي من خلال قضية القرصنة في فيلم هزلي أمر لا مبرر له.
«أمير البحار» الذي كتب قصته يوسف معاطي، وأخرجه وائل إحسان، بينما تقاسم بطولته محمد هنيدي، شيرين عادل، لطفي لبيب، ياسر جلال، شريف صبحي، محمد محمود، طارق الأبياري، هناء الشوربجي، غسان مطر، مها أبو عوف.. تدور أحداثه حول الطالب أمير نور الدين ـ وفي الاسم استنساخ صريح لشخصية نور الدين في فيلم البحارة الثلاثة للراحلين علي الكسار وإسماعيل يس- الذي يفشل كل عام في مرحلة التخرج من الكلية البحرية، يحب جارته سلوى ابنة عميد الكلية، التي لا تشعر به وترفض الزواج منه لأنه مثل أخيها. وعلمت من أهلها أن أميرا كان يستحم معها في بانيو واحد عندما كانا صغيرين.
وبعد تخرج أمير من الكلية بعد 13 عاما من الرسوب المتكرر أخذ سفينة والده أمير البحار، وخرج بها للنزهة مع أسرته وبعض أصدقائه، فينفد منه الوقود على بعد 20 ميلاً من الشاطئ، وهنا يهجم عليه القراصنة ويخطفوا السفينة.إقحام غير مبررمن خلال هذه الأحداث المتباينة رأى النقاد أن الكاتب يوسف معاطي من الكتاب المتميزين، وكان موفقا في اختيار موضوع شيق ومثير، لكنه في الآن أقحم فكرة اختطاف السفن على يد القراصنة دون تبرير.
كما أنه استسهل طرح هذه القضية بطريقة غريبة، بدت دخيلة بعض الشيء على موضوع الفيلم الأساسي، الذي يدور حول شاب فاشل في دراسته بالأكاديمية البحرية، والذي اعترفت والدته بتحمل مسئولية هذا الفشل نتيجة خطأ في تربيتها له حيث لم تجعل منه رجلاً يعتمد على نفسه.
ووصف النقاد الكاتب يوسف معاطي بأنه أحد فرسان الكتابة الكوميدية في السنوات الأخيرة، لكن كتابته لهذا العمل تشبه إنتاج مصانع السيراميك متعدد الدرجات، فرز أول وفرز ثان وربما فرز ثالث..
مشيرين إلى أن أمير البحار يعتبر فرزا ثالثا، حيث اعتمد على إيفهات محروقة تسخر من العيوب الشكلية للأبطال مثل قصر قامة محمد هنيدي وشدة سمنة إحدى الممثلات. السيناريو أيضا اعتمد على ترك الحرية لنجمه هنيدي كي يقوم بصفع وركل الجميع حتى بلغت الفجاجة مداها بضرب إحدى الممثلات بالشلوت في بطنها، واعتبر النقاد ذلك كوميديا غليظة أفسدت فكرة كانت تبدو جيدة في البداية، وقالوا: لولا ود وعشم قديمين بين هنيدي وجمهوره لما أفلت الفيلم من السقوط..
كوميديا الضرب على القفا
هنيدي قدم في الفيلم الشاب المدلل أمير، الولد الوحيد على أربع فتيات، الذي يتعامل مع الآخرين من منطلق أنه أوسم وأنجح وأعظم قبطان على الرغم من أنه فاشل دراسيا، وهذه الشخصية التي اختارها هنيدي هذه المرة شخصية جديدة عليه بالفعل؛ لأنه عادة ما يقدم شخصية شاب مصري كادح أو معدم أو صعيدي أو ريفي ساذج مثل التي قدمها في «رمضان مبروك أبو العلمين». يشعرك فيلم «أمير البحار» بأن شركات الإنتاج تدلل هذا النجم .
وتستجيب لكل ما يريده، ولولا ذلك لما أقدمت على إنتاج هذا الفيلم، الذي اعتبروه هزيلا يقوم على سيناريو يستخدم كل عناصر الركاكة الكوميدية بداية من الشخصيات البدينة التي تتدحرج مثل «البرميل» طوال الفيلم؛ وصولا إلى كوميديا الشتائم والصفع والركلات والضرب على القفا.
ويبدى النقاد ملاحظة فنية مهمة، وهي أن هنيدي اقترب عمره من الخمسين عاما، بينما حبيبته في الفيلم شيري عادل لا تزال في أوائل العشرينيات، فأي منطق هذا والأحداث تحكي أنهما عندما كانا صغيران يستحمان في «بانيو» واحد.
أيضا انتقد النقاد مشاهد هروب شيري عادل إلى هنيدي «أمير» في المركب ليخرج بأسرته وأصدقائه إلى عرض البحر، حيث اهتم الجمهور بالضحك، ولم يهتم بأن يتعرض أبطال الفيلم إلى القرصنة على بعد 20 ميلا فقط من فنار الإسكندرية.
وهي مسألة غير معقولة، خصوصا أن أمير كان يتحدث طوال الوقت عن القراصنة وجرائمهم في البحر الأحمر، وكان من الأجدى أن تدور الأحداث هناك في أماكن يمكن أن يصل إليها القراصنة ويبسطوا فيها نفوذهم، ما دام السيناريو يريد أن يتخذ من القراصنة عنصرا دراميا.
الفيلم قدم القراصنة على أنهم ضحايا ظروف إنسانية، ما أضعف موضوع الفيلم؛ لأن القراصنة مهما كانت مبرراتهم هم مجرمون في النهاية.. ويقول بعض النقاد أن التدليل هو أزمة الفيلم بكل عناصره؛ فتصوروا أن السيناريو لديه مثلث عاطفي وهو أمير الشاب المدلل، وحبيبته سلوى التي هي جارته في الوقت نفسه، وصديقه ياسر جلال «نزار»، الذي يقنعه بالمنطق الهزلي بأنه يمكن أن يصبح مندوبا عاطفيا لدى حبيبته كي يجعلها تغير رأيها نحوه.
أعطني ضحكًا بلا منطق
النقاد أشاروا أيضا إلى أن الجمهور الذي تقبل أن تهرب سلوى في ليلة دخلتها بجينز وتي شيرت، لم يتساءل من أين أتت على سطح المركب في عرض البحر بفساتين ساحرة تتهادى بها على أغنية تيتانيك مع أمير، ووصفوا هذا النوع من الجمهور بأنه طيب يدرك أبعاد المعادلة التي تقول: «أعطني ضحكا دون منطق، وبكل الوسائل الفنية وغير الفنية أعطيك إيرادات بلا حساب».