القصة في حرف أعني .... مزويّ خلف معاني البدر .... وطفولة أبناء تحيي ... ما أذبل سوط رياح الدهر .... هي ليست قصة ... بل شبه خاطرة من قصة ... وخلفها معنى ربما أعجز عن تفسيره وربما أعياني الحرف في تعبيره...
*******************
حدثني الباحث والأديب (القمري) والذي قضى شطرا كبيرا من حياته بين ربوع (البدر المنير).. في (أعمق همسات الشعور) وهو ينفث دخان سيجارته ويرسل آهة عميقة مؤثرة ... وينظر إلى الأمام نظرة فاحصة متأملة .... وصوته يملؤه العمق العميق !!!
قضيت يوما كاملا من بزوغ الفجر حتى رحيل الشمس وراء الأفق البعيد في إحدى مدارات الفلك ... هناك بعيدا خلف أشعة القمر أتابع عبثا آثار غزال جميل .. ذي قرون جميلة رائعة ... تأخذ بالقلب وتسيطر على الحس ... وتخلب الألباب ... وكان يساعدني على الصيد قلب بدري .. خبير بمسالك مدارات الفلك .. ولما بلغ بنا الجهد جلسنا نستريح تحت ظل شجرة .. تطل بفروعها وأغصانها على كثبان رملية ... تحف بساحل الكوكب !!
وكانت أشعة القمر الفضية تزهو وتتلألأ .. وتضفي على الحياة والكون جمالا وسحرا أخاذا يأسر القلب .. وحينما كنت أغذي الروح بهذا الحس الرائع والجمال الأخاذ .. إذا بي أرى وأشاهد غزالا يمشي الهوينى على الرمال ... يختال في مسيره ومشيته ... بلغ قمة أحد الكثبان فاستلقى ونام عليها ليستريح بعض الوقت .
يا للمفاجأة الرائعة ... لقد كان الغزال الذي كنت أبحث عنه طوال اليوم ... إنه هو بقرونه الجميلة الثمينة ... التي بدت كالفضة البراقة اللامعة في ضوء القمر ...
لم يفطن الغزال لوجودنا بالقرب منه على بعد خطوات .. وأخذ ينظر ويرقب القمر فأخرجت بندقيتي وصوبتها إليه .. حاولت أن أضغط على الزناد ... ولكن لن تطاوعني يدي ... ووجدت نفسي أقول : كيف تقتل غزالا يعشق الجمال كما تعشقه أنت ؟!! لقد ترك مكان الأمان بين الأشجار ليرى ضوء القمر ويناجيه !!
ثم وضعت البندقية جانبا وقلت (للقمري) وقد خشيت أن يغضبه تصرفي ... بعد أن بذلنا جهدا في تتبع الغزال طوال اليوم كله : اعتزمت أن لا أقتل هذا الغزال الجميل الذي يعشق القمر .
قال (القمري) فرحا وطربا وارتمى على كتفي يقبله وهو يقول : لقد أصبت يا سيدي . كنت على وشك أن أرجوك وأتوسل وأبتهل إليك كي تتركه لحاله ... ذلك الغزال الجميل عاشق القمر بإنسانيته الرائعة وحسه الرقيق وشعوره المرهف
********************