تقع مدينة تارودانت في سهل سوس، محاطة بالواد الواعر ووادي سوس على طول 250م. مناخ تارودانت نصف جاف، الصيف حار جدا والشتاء معتدل، الاختلافات الحرارية مهمة ليس فقط بين الفصول ولكن أيضا بين الليل والنهار. معدل الحرارة السنوي يصل إلى 20° قربها من المنطقة الصحراوية يجعلها تعرف حرارة مرتفعة من خلال ما يعرف برياح الشركي (رياح قوية، حارة، شرقية).
التساقطات الناذرة تتركز خلال الفترة الأكثر رطوبة، هذه الأخيرة تختلف بحدة من سنة إلى أخرى مثلا 77 ملمتر سجلت خلال سنة 1992 ووصلت إلى 202 ملمتر في السنة الموالية المنطقة تعرف منذ سنوات عدة فترات جفاف. الغطاء النباتي يتكون في المنطقة العمرانية من شجر الأوكاليبتيس، الليمون، الزيتون، النخيل، الأكاسياس، وداخل المجال الحضري المساحة العامة المشجرة تصل إلى 550 هكتار، أما على مشارف المدينة في الجنوب والشرق فالمساحة المغروسة بشجر الزيتون بدأت تعوض شيئا فشيئا بالبنايات، وتبقى في نفس الوقت الغابة هي المهيمنة في الشمال، أما السدر فيمتد على عدة كيلومترات
تارودانت مدينة محافظة، طبيعية، صحيح كل ما نقرأه في الدلائل السياحية.
هذه المدينة القديمة التي تتموضع بين أسوارها لها ميزة، حيث يسود بها جو خاص، فمع الساعات الأخيرة من اليوم يظهر كل الرودانيين وكأنهم قد تواعدوا على اللقاء بالشوارع، المارون يملؤون الطرقات الدراجات تتابع، السيارات تسير أو متوقفة، وهكذا كل أيام السنة.
رغم امتداد المدينة، فإن المدينة القديمة تحتفظ بجادبيتها، فإحياؤها القديمة تعتبر كقرى صغيرة حيث تقاليد وعادات حياة لا تتغير.
تارودانت داخلية الأسوار، ليست كبيرة ويمكن أن تتجول فيها ماشيا أو مستعملا الدراجة الهوائية.
ليس بها مجال سياحي للحديث عنه، ولكن أفضل طريقة لاكتشاف المدينة أن تقيس شوارعها وأزقتها، بأن تتيه فيها دوني أدنى خوف.
تاريخ الجنوب المغربي مرتبط أساسا بمدينة تارودانت المتميزة بقدمها وموقعها الجغرافي، رغم ندرة الموارد التاريخية وفي بعض المرات تعارضها.
أصل تارودانت غير متأكد منه، يقال أنها بنيت من طرف أفارقة ينتمون إلى قبائل شتوكة وجزولة، أخرون يعتقدون بكون تارودانت قد ظهرت في العصر الروماني بموقع مدينة كانت تسمى فالا، تواجد مكان فريجة على بعد 8 كيلومتر من مكان المدينة الحالي يشهد على هذا التأثير الروماني.
تارودانت تعني بالبربرية هضبة، وقد يتطابق هذا مع موقع فريجة الذي يهيمن على هضبة سوس. هذه الفرضية توضح بأن قرية فريجة الحالية هي الموقع القديم لمدينة تارودانت، زيادة على كون هذا الموقع الطبيعي يقدم إيجابيات متعددة : موقع استراتيجي في قلب هضبة خصبة، مأوى طبيعي ونقطة مراقبة لمداخل الهضبة.
ستعرف مدينة تارودانت مع ظهور المرابطين في القرن العاشر إهتماما سياسيا وعسكريا وستدخل المدينة مرحلة مهمة في التوسعات اتجاه شمال المغرب هذه المكانة ضمت مقر حكم محلي وستأسس لمركز عسكري باتجاه أعالي الأطلس لهذا السبب ستصبح المدينة مكلفة بالمراقبة وردع القبائل المتمردة.
إبان القرن الثاني عشر وعهد الموحدين ستحتفظ المدينة بنفس الدور العسكري الاقتصادي والعاصمة الإدارية لمنطقة سوس. كتابات مختلفة تبين : "العاصمة تارودانت كانت قاعدة بلاد سوس ومكان إقامة نائب الملك".
في نفس الفترة، مصادر تاريخية ترسم التطور الملحوظ للنسيج الاقتصادي المحلي : "الفلاحة، صناعة السكر، النسيج يشكلون موارد غنى المدينة".
في عهد الوطاسين وفترة ارتباك وفوضى، وكان علينا الانتظار حتى ظهور السعديين (1510) حيث ستعرف مدينة تارودانت ومنطقتها أوجهما. محمد الشيخ السعدي ملك سوس، سيعطي المدينة كل اهتمامه، أصلح أسوار المدينة ، وأعمرها بالتجار والحرفيين" جعل من تارودانت مقر قوته ومصدرا دائما للتجارة بين أفريقيا وأوروبا، البصمة الحقيقية للمدينة والتي تبين هويتها قد تكون بصمة محمد الشيخ السعدي وخلفائه.
مع نهاية حكم الملوك السعديين ستدخل مدينة تارودانت في عهد الفوضى، مما سيجعل الملوك العلويين في نهاية القرن السابع عشر يقومون بحركات في المنطقة لردع القبائل المتمردة وصد الثورات المناوئة قصد توطيد دعائم حكمهم
نسمع أِشياء كثيرة عن مدينة تارودانت، ولكن الصفات لا تنقص : : لؤلؤة الجنوب، جوهرة سوس، مراكش الصغيرة..