عد مشكل البطالة من المشاكل التي تعاني منها كل دول العالم، خاصة النامية منها والتي نجد من بينها المغرب الذي رغم الإصلاحات والأوراش التي قام بها لا زال يتوفر على نسب مهمة من العاطلين فما هي أسباب وعوامل هذه الظاهرة؟ وما هو تأثيرها على المجتمع؟ وكذا ما هي بعض المجهودات المبذولة من طرف الدولة للتصدي لهذه الآفة الخطيرة؟
منذ فجر الاستقلال عمل المغرب على تأسيس اللبنات الأولى للاقتصاد الوطني لكن جل السياسات المتبعة كانت مستوردة. أي لا تتناسب والبيئة المغربية، مما جعل هذا الاقتصاد يشهد بشكل تسوده العديد من الاعوجاجات والتناقضات ، الشيء الذي ولد لنا ظاهرة البطالة والتي مازال المغرب يتخبط فيها إلى يومنا هذا . كما أن عقلية المستثمرين المغاربة لا تهتم إلا بالربح، غبر آبهة بتشغيل الشباب والدفع بوثيرة النمو إلى الإمام . حيث أطلق عليها المهدي المنجرة اسم البورجوازية الكسولة.
هذا يجعل الاستثمارات لا تستوعب إلا أعدادا ضئيلة من القادرين عن العمل نجد من أسباب البطالة كذلك النظام التعليمي بالمغرب والذي لا يتناسب واحتياجات سوق الشغل حيث تعتبر الجامعة المغربية آلة إنتاج العاطلين عن العمل لأن العلوم والمواد الملقنة تقليدية وغير موجودة في ميادين العمل ، هذا يعمل على تخريج أفواجا مهمة من حاملي الشهادات لينضافوا إلى صفوف العاطلين إذ ما استثنينا بعض المعاهد والمؤسسات التكوينية والتي بدورها تفتقر إلى الشروط الأساسية للتحصيل. كما أنها لا تواكب تطورات العصر بشكل كبير.
نجد كذلك البحث العلمي ببلادنا مازال جد متأخرا ، ولا يستند إليه قدر ه يل من الميزانية العامة للدولة، هذا ما يجعل التكنولوجيا والصناعة بالمغرب لم يرقوا بعد إلى المستوى الذي يدفع بعجلة التقدم وامتصاص الأعداد الهائلة من العاطلين، نجد كذلك التطور العلمي والمكننة عملوا بشكل كبير على تقليص عدد العمال في شتى المجالات، حيث عوضت الآلة اليد البشرية فأصبح عامل واحد يقوم بواسطة هذه الأخيرة بما كان يقوم به عدد كبير من العمال، إذن كل هذه الأسباب وأسباب أخرى تعمل على زيادة إعداد العاطلين عن العمل، مما يؤثر سلبا وبشكل كبير على المجتمع حيث أن هذه الظاهرة تسبب بدورها العديد من الظواهر الأخرى كالفقر والدعارة، والإجرام حيث أن العاطل عن العمل تتولد لديه حالة من اليأس وفقدان الأمل الشيء الذي يدفعه إلى القيام بعدة أشياء غير مهتم إلى عواقبها ونتائجها فإما يتعاطى للمخدرات بشتى أنواعها وإما يدهب إلى البحث عن نصادر المال بطرق غير مشروعة كالسرقة أو يدخل عالم الاجرام. أما عند الفتيات فإن عالم الدعارة يستهوي العديد من اللواتي لا يجدن عملا شريفا خاصة اللواتي ينحدرن من عائلات فقيرة لا تملك حتى قوت يومها كذلك يصبح هؤلاء العاطلين عبثا على المجتمع وعلى الدولة يستهلكون ولا ينتجون، وهذا ما يزيد من اضطراب الاقتصاد وخلق هوة بين مختلف شرائح المجتمع حيث يزداد عدد الفقراء والبؤساء في حين تضل الفئات الغنية منحصرة في أعداد قليلة وهو ما يسمى بالطبقة البورجوازية.
هذا كله ينتج لنا العديد من المشاكل والظواهر التي قد تؤثر بشكل كبير على الدولة والمجتمع ككل إلا أن المغرب في خطى عدة خطوات في مجال التنمية، وإن كان بشكل غير كاف خاصة في العقدين الأخيرين حيث دشن عدة أوراش اقتصادية وإصلاحات جذرية من اجل التخفيف من إعداد العاطلين عن العمل ، والدفع بعجلة النمو إلى الأمام حيث تجده يشجع الاستثمارات الأجنبية من اجل خلق فرص الشغل وكذا بعض الإصلاحات في النظام التعليمي.