الشيخ ماء العينين
ارتبط اسمه بمقاومة الاستعمار الإسباني والفرنسي، أسس مدينة السمارة في الصحراء وظل اتصاله مستمرا بملوك المغرب، وجدت فرنسا وإسبانيا صعوبة في اختراق موريتانيا والصحراء بفضل مساندة الشيخ ماء العينين للمقاومة.
المولد والنشأة والدراسة
هو الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل القلقمي، ولد في الحوض شرقي موريتانيا يوم الثلاثاء 27 شعبان 1246هـ، أخذ عن والده القرآن الكريم والعلوم الشرعية واللغوية كما تأثر به في جانب التصوف.
الحج والإقامة بمنطقة الصحراء
ترك الشيخ ماء العينين زاوية أبيه برسم الحج بتاريخ 18 جمادى الأولى 1274هـ وله 28 سنة، فمر في طريقه بوادي نون بالصحراء وبالصويرة ومراكش بالمغرب حيث أكرمه ولي العهد الأمير سيدي محمد بن عبد الرحمن، ثم سافر إلى مكناس فدخلها في 27 رمضان وتلقاه السلطان مولاي عبد الرحمن بكل إجلال وإكبار، ووجهه بعد الضيافة إلى طنجة حيث أركبه عامله بها سفينة متوجهة إلى المشرق. حج الشيخ ماء العينين وزار المدينة المنورة، بعد ذلك توجه إلى بلاده مارا بمصر وعاد منها بحرا فوصل طنجة يوم 24 شعبان عام 1275 هـ، ومنها إلى الصحراء. وقد مر أثناء عودته بالجزائر وخصوصا مدينة تيندوف حيث لقي عالمها الشهير الشيخ المختار بن بلعمش الجكني، فطالع الكتب التي في خزانته ودرس في المسجد الذي بناه وقد مر ببعض قبائل الصحراء.
صفاته وإشعاعه الثقافي
كان الشيخ ماء العينين عالما جليلا مؤلفا ومجاهدا، وكان يلجأ إليه الخائفون ويرد إليه الجائعون وكان مرشدا للمخطئين ورحيما بالضعفاء والمساكين. وكانت مدينة السمارة التي أسسها الشيخ ماء العينين عام 1898 محط أنظار طلاب العلم كما كانت سوق العلم بها رائجة. وقد اقتنى الشيخ ماء العينين مكتبة من أعظم مكتبات شمال إفريقيا وأكثرها مراجع، كما شمل تأثيره كثيرا من الطلاب ممن أصبح لهم شأن ومكانة.
الشيخ ماء العينين والجهاد
بنى مدينة السمارة واستقر فيها، ومنها قام بتنظيم وتأطير المقاومة ضد المستعمر الفرنسي. ومع رجوع الشيخ من الحج بدأ الفرنسيون في استعمار موريتانيا والتوغل في أراضيها والاستعداد لجعل المغرب تحت القبضة الاستعمارية، في حين أحكم الإسبانيون قبضتهم على إقليم الصحراء، أما الجزائر فمنذ سبعين سنة وهي تحت الحكم الاستعماري. نظم الشيخ ماء العينين القبائل الصحراوية والموريتانية للدفاع لمقاومة المستعمر وسافر مرارا إلى السلطان المغربي ليسلح المقاومة، وقد بلغ عدد زياراته سبعا، أربع لمراكش وثلاث لفاس. ووصل في المرة الثامنة إلى تادلة وهو في طريقه إلى فاس. ولأن الفرنسيين كانوا ملمين بنوايا الشيخ ماء العينين فقد أوعز إليه السلطان عبد الحفيظ بالرجوع من حيث أتى تحت ضغط الفرنسيين وخوفا من وقوعه بأيدي جنودهم. وقد استطاعت المقاومة أن تلحق بالفرنسيين خسائر، إلا أن عدم استجابة العرش لمطالب الشيخ تحت ضغط الفرنسيين دفع به إلى الاستقرار بتزنيت بجنوب المغرب فأقام بها سنوات قبيل فاته.
وفاته
توفي الشيخ ماء العينين ليلة الجمعة 17 شوال عام 1328هـ الموافق 25 أكتوبر/تشرين الأول 1910 بتزنيت وبها دفن، مخلفا ثروة هائلة من المؤلفات وذكرا حسنا في النفوس.
مؤلفاته
ترك الشيخ ماء العينين مؤلفات كثيرة منها: دليل الرفاق على شمس الاتفاق، ونعت البدايات، وفاتق الرتق على راتق الفتق، وتبيين الغموض عن نعت العروض، وحزب البسملة، وحزب الخير الجسيم، والمقاصد النورانية، ومفيد الحاضرة والبادية، ومظهر الدلالات، والمرافق على الموافق (هو شرح لمواقفات الشاطبي)، وهداية من حار في أمر النصارى، ومفيد النساء والرجال، ومفيد السامع والمتكلم في أحكام التيمم والمتيمم، وهداية المبتدئين في النحو وغير ذلك ...
مصادر ترجمته
كثرت ترجمات الشيخ ماء العينين وتعددت، فقد ترجم له ابنه الشيخ مربيه ربه في كتاب قرة العينين في كرامات الشيخ ماء العينين، وحفيده ماء العينين بن العتيق في سحر البيان في شمائل الشيخ ماء العينين الحسان، ومحمد العاقب بن مايابى في مجمع البحرين في مناقب الشيخ ماء العينين، والمختار السوسي في الجزء الرابع من كتابه المعسول، ومحمد بن جعفر الكتاني في سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس الجزء الثالث، والعباس بن إبراهيم السملالي في الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام في الجزء السادس، وكذلك الشيخ أحمد الشمس الحاجي في خاتمة كتابه النفحة الأحمدية، وأحمد بن الأمين الشنقيطي في الوسيط في تراجم أدباء شنقيط. كما جمع أحمد تكرور اليعقوبي نبذة من فوائده وجمع ابنه الشيخ النعمة ما قيل فيه من الشعر في كتاب الأبحر المعينية فبلغت زهاء خمسمائة وعشرين شاعرا، وقد حقق جزأها الأول الأستاذ أحمد مفدي، كما حقق الجزء الثاني محمد المداح المختار ضمن أطروحات جامعية بالمملكة المغربية. والمختار بن حامد: ترجمة الشيخ ماء العينين، جزء القلاقمة، موسوعته حياة موريتانيا (نسخة المعهد الموريتاني للبحث العلمي)، كما أن له ترجمة في دائرة المعارف الإسلامية وفي الأعلام للزركلي.